من انتحله وجحد ما يعلم من الدين ضرورة كالخوراج والغلاة» (١).
والكلام يقع تارةً في تحديد معنى الضروري بلحاظ كلمات الفقهاء المتعرّضين لذلك وأخرى بلحاظ الروايات الواردة في المقام.
أمّا كلمات الفقهاء فالذي يظهر من مجموعها أمور :
الأمر الأوّل :
إنّ المراد بالضروري ما يكون ثبوته ضروريّاً بحيث لا يحتاج إلى إقامة دليل وبرهان عليه ، فالشيء إنّما يكون ضروريّاً إذا كان ثبوته في الدين واضحاً وبيّناً على نحو لا يشعر الإنسان أنّه بحاجة إلى إقامة دليل لإثباته مثل أصل وجوب الصلاة والصيام.
الأمر الثاني :
أنّ وصول الشيء إلى حدّ الضرورة بهذا المعنى لا يكون دفعة واحدة فإنّ كل ما ينسب إلى الدين لا بدّ في البداية أن يدلَّ دليل على ثبوته ، ولولا ذلك الدليل لما امكننا معرفة ثبوت ذلك بشيء في الدين ، وفي هذه المرحلة (مرحلة أصل الثبوت) لا يتميّز الضروري عن غيره بمعنى أنّ الجميع يحتاج ثبوته في الدين إلى دليل وبرهان ، وإنّما يفترق الضروري عن غيره في المراحل اللاحقة فتكتسب بعض الأمور الدينية صفة الضرورة لأسباب عديدة منها :
__________________
(١) شرايع الإسلام ١ / ٥٣.