حدّ نفسه وبقطع النظر عن أي شيء آخر وإنّما هي صفة تنشأ من وضوح ثبوت ذلك الشيء في الشريعة وعدم شعور الإنسان بالحاجة إلى الاستدلال على ثبوته بأدّلة ، ومن الواضح أنّ هذا يرتبط ارتباطاً وثيقاً بنظرة الناس إلى ذلك الشيء ووضوحه وشيوع ثبوته شرعاً عندهم فكلّ ما يكون كذلك يكون ضروريّاً واقعاً وإن كان المنكر لا يراه ضروريّاً بل قد ينكر أصل ثبوته في الشريعة ؛ إذاً لا معنى لتوصيف حكم من الأحكام بأنّه ضروري إلا إذا فرض كونه بنظر الناس واصلاً إلى حدّ من الوضوح والشيوع بحيث لا يحتاج إلى إقامة أدلّة على ثبوته ولذا لا معنى لتقسيم الأحكام ـ بقطع النظر عن وضوح الحكم عند الناس وعدم الاحتياج لإثباته إلى الاستدلال ـ إلى أحكام ضرورية وغير ضرورية وإنّما يصحّ هذا التقسيم بلحاظ ما ذكرناه من كيفيّة ثبوتها عندهم فبعض الأحكام تصل إلى حدّ الضرورة حسب نظر الناس وبعضها لا يصل إلى هذا الحدّ.
وبناءً على هذا نطرح هذا السؤال : هل يكفي في كون الشيء ضروريّاً كونه كذلك بنظر طائفة خاصّة من المسلمين أو لابدّ أن يكون كذلك بنظر عامّة المسلمين؟
ويكتسب هذا الأمر أهميّةً إذا لاحظنا الواقع الخارجي لطوائف المسلمين حيث ترى بعض الطوائف ثبوت أمور معيّنة ووصولها إلى حدّ الضرورة في حين أنّ باقي الطوائف تخالفها في أصل ثبوت تلك الأمور أو في ضرورتها ، وحينئذ إذا أنكر الإنسان ذلك الأمر مع علمه بكونه ضروريّاً عند تلك الطائفة فهل يحكم عليه بالكفر؟
من الواضح أنّه بناءً على الأوّل ـ أي أنّ كون الشيء ضروريّاً يكفي فيه أن يكون كذلك بنظر طائفة خاصّة وإن لم يكن كذلك بنظر ـ عامّة