من أنكر ضروريّاً من ضروريّات الدين مع علمه بأنّه من ضروريّاته ...» (١) فإنّ هذا التعبير قد يفهم منه التفسير الثاني أي أنّ إنكار الضروري إنّما يوجب الكفر مع علم المنكر بأنّه ضروري عند عامّة المسلمين وإن لم يكن كذلك عنده في قبال ما إذا أنكر ما يكون كذلك مع عدم علمه بأنَّه من ضروريّات الدين.
واحتمال أن يكون إشارة إلى القول الثالث ـ الآتي ـ فهو بعيد جدّاً إذ لا يشترط في الحكم بالكفر بناء عليه أن يعلم بأنّ ما أنكره من ضروريّات الدين بل يكفي علمه بأنّه من الدين وإن كان عالماً بعدم كونه ضروريّاً عند المسلمين.
والحاصل :
إنّ ظاهر هذه العبارات ونحوها من عبارات الفقهاء هو أنّ كلّ أمر يعلم جماعة المسلمين ثبوته في الدّين ـ بحيث يصبح ثبوته في الدّين معلوماً لديهم ـ فإنكاره يعتبر كفراً وارتداداً مع علم المنكر بذلك وإن كان يعتقد عدم ثبوته لشبهة ونحوها.
ويؤيّد ذلك قراءة الفعل (يعلم) في قولهم : «وجحد ما يعلم من الدّين ضرورة» ـ كما في الشرايع وغيرها ـ مبنيّاً للمجهول حيث يشير ذلك إلى كون المناط في الحكم بالكفر هو معلومية كون الشيء من ضروريّات الدين سواء كان كذلك عند المنكر أم لا كما إذا كان شاكّاً أو معتقداً بالعدم.
__________________
(١) كشف اللثام ١ / ٤٨.