ويتلخّص من جميع ما تقدّم :
إنّ المشهور يرى أنّ إنكار ما هو ضروري عند عامّة المسلمين يوجب الكفر والخروج من الإسلام إمّا مطلقاً وهو التفسير الأوّل لقول المشهور الذي عبّرنا عنه بالسببيّة المطلقة وإمّا مقيّداً بالعلم والاطلاع على كونه ضروريّاً عندهم وهو التفسير الثاني الذي عبّرنا عنه بالسببيّة المقيّدة.
ولا فرق في الحكم بالكفر على كلا التفسيرين بين حالة علم المنكر بثبوت ذلك في الدين وبين حالة جهله بذلك جهلاً بسيطاً وبين حالة جهله بذلك جهلاً مركّباً كأصحاب الشبهة والمعتقدين بالخلاف.
وقد أشار الشيخ صاحب الجواهر إلى ذلك حين فسّر قول المشهور بما ذكر في التفسير الثاني فإنّه قال بعد كلام له : «فالحاصل أنّه متى كان الحكم المنكَر في حدّ ذاته ضرورياً من ضروريّات الدّين ثبت الكفر بإنكاره ممّن اطّلع على ضرورته عند أهل الدّين» (٣٠).
ثمّ إنّ الأمور الثلاثة المتقدّمة التي استظهر منها ذهاب المشهور إلى القول الأوّل تنسجم مع التفسير الثاني أيضاً بل هو الظاهر منها.
أمّا الأوّل :
فلأنّ إطلاق كلامهم محمول على المنكر الذي يعيش الإسلام ويتلبّس به ويعاشر المسلمين ومن الواضح إنّه يفترض في مثله الإطلاع على أساسيّات الدين وضروريّاته عند المسلمين فإذا أنكر ذلك كان كافراً
__________________
(١) جواهر الكلام ٦ / ٤٩.