إنّه حلال واتخذ حلّيته ديناً حينئذ يكون كافراً ، ومن الواضح أنّ هذا غير محلّ الكلام الذي هو إنكار الضروري من دون فرض التديّن بذلك.
ولا يبعد أنّ الرواية ناظرة إلى صورة العلم بثبوت الحرام أو الحلال شرعاً ومعه يكون إنكاره مع التديّن بضدّه موجباً للكفر بلا كلام.
ومثل رواية داود بن كثير الرقّي قال : «قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : سُنن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كفرائض الله عزّ وجلّ فقال : إنّ الله عزّ وجلّ فرض فرائض موجبات على العباد فمن ترك فريضة من الموجبات فلم يعمل بها وجحدها كان كافراً ...» (١).
والاستدلال بها هو نفس ما تقدّم في صحيحة الكناني لاتحادهما في المضمون.
نعم هناك كلام في صحّة الرواية سنداً للاختلاف في وثاقة داود بن كثير حيث ضعّفه النجاشي وابن الغضائري في حين وثّقه الشيخان المفيد والطوسي وغيرهما ، والأصحّ قبول روايته وعليه فالرواية معتبرة.
هذه عمدة روايات الطائفة الثانية وقد عرفت تماميّة بعضها سنداً فلا مجال للمناقشة فيها من هذه الجهة.
نعم نوقش في دلالتها بأنّ موضوع الحكم بالكفر فيها هو الجحود وهو عبارة عن الإنكار مع العلم بالحال ، ولا كلام في الحكم بالكفر حينئذ لأنّ إنكار أىَّ حكم شرعي مع العلم بثبوته في الشريعة يستلزم تكذيب الرسالة والرسول وهو موجب للكفر جزماً إلا أنّه خارج عن محلّ الكلام إذ عرفت أنّ الكلام في كفر منكر الضروري مع فرض عدم العلم بثبوته شرعاً.
__________________
(١) الكافي ٢ / ٣٨٣ ح ١.