يثبت بهذه الطائفة من الأخبار كفر كلّ منكر لضروريّات الدين سواء كان عالماً أم جاهلاً جهلاً بسيطاً أم مشتبهاً ومعتقداً بالعدم ممّا يستلزم السببيّة المنسوبة إلى المشهور.
وأمّا إذا قلنا بعدم الشمول لحالة الجهل المركّب واختصاص استعمال الجحود بصورتي العلم والشكّ البسيط فلا دلالة للأخبار المذكور على السببيّة بالمعنى الذي يقول به المشهور إذ لا تدلّ حينئذ على كفر المنكر إذا كان صاحب شبهة ومعتقداً عدم ثبوت ما أنكره في الشريعة.
نعم تدلّ على كفر المنكر إذا كان عالماً أو شاكّاً ، ومن الواضح أنّ هذا لا يلازم قول المشهور القائل بسببيّة إنكار الضروري للكفر مطلقاً ، بل الظاهر أنّ صورة الإنكار مع الشبهة هي من الصور المهمّة التي وقع فيها الخلاف والتي التزم المشهور فيها بالكفر أيضاً.
قد يقال بالثاني ـ عدم الشمول ـ فإنّ بعض اللغويّين وإن فسَّر الجحود بمطلق الإنكار إلا أنّه معارض بكلمات آخرين منهم ، وهي ظاهرة في التقييد بصورة العلم ـ كما تقدّم ـ وعليه فلا يمكن الاستناد إلى كلماتهم لإثبات الشمول والإطلاق.
كما أنّ الروايات لا تدلّ على ذلك فإنّ بعضها وإن كان يدلّ على عدم الاختصاص بصورة العلم مثل صحيحة محمّـد بن مسلم ورواية زرارة المتقدّمتين إلا أنّ غاية ما تدلاّن عليه هو إطلاق الجحود على الإنكار في صورة الشكّ والجهل البسيط دون الجهل المركّب ـ كما تقدّم ـ.
وعليه فلم يثبت إطلاق الجحود على مطلق الإنكار حتّى يستدلّ بروايات هذه الطائفة على القول المنسوب إلى المشهور.