ذلك ، لابدّ من البحث عن الرواة الثقات بحثاً علميّاً دقيقاً ، وهذا ما سنتناوله في كتاب آخر عند مناقشتنا النظرية الرجالية ؛ فنحن نعلمُ إجمالاً بقطعية صدور الكثير مما بأيدينا من الأخبار عن أئمّة الهدى عليهمالسلام ، ولعلّ الداعي إلى شدّة الاهتمام بالروايات يكمن في أنّ في نقلها بصدق : أساس الدين وقوام الشريعة ؛ فليس غريباً أن نلمس آثار قول الإمام عليهالسلام في شأن جماعة من الرواة الثقات : «لولا هؤلاء انقطعت آثار النبوّة واندرست» (١).
د ـ حجّية الإجماع :
ولا شكّ أنّ توسّع البحوث الفقهية وتغيّر الحياة الاجتماعية وبعدها عن عصر النصوص الشرعية ، دفع الفقهاء إلى التفتيش عن أدلّة جديدة للاستنباط خصوصاً في حالات عدم وجود نصّ معيّن أو في حالات عدم اقتناعهم بسلامة ذلك النصّ من حيث السند أو الدلالة.
وقد أثمر ذلك التفتيش العلمي الدقيق فكرة مفادها : إنّ إجماع فقهاء الطائفة في عصر واحد على حكم شرعي يعدّ دليلاً على وجود نصّ من الشارع يجوّز الاعتماد عليه ، إذ يستحيل عقلاً أن يجمع فقهاء الأمّة على حكم ما من دون أن يحصل منهم من ينشقّ عليهم ويصيب الواقع.
الإجماع أداة كشف :
فالإجماع ـ في واقعه ـ ليس دليلاً بذاته ، بل أداة من أدوات الكشف المشروطة عن السنّة ، أي أنّ الإجماع لا يكون دليلاً ما لم يؤيّده دليل قاطع
__________________
(١) الوسائل ١٨ / ١٠٣.