بحرمة استنباط الأحكام النظرية الشرعية من ظواهر الكتاب المجيد والسنّة الشريفة ، بخلاف الأصوليين الذين قالوا بحجّية ظواهر الكتاب والسنّة ، ويمكن استفادة ذلك من أقوال زعيمها ..
فقد ذكر الأسترآبادي في كتابه (الفوائد المدنية) : «إنّ القرآن في الأكثر ورد على وجه التعمية بالنسبة إلى أذهان الرعية وكذلك كثير من السنن النبوية ، وأنّه لا سبيل لنا في ما لا يعلمه من الأحكام النظرية الشرعية ـ أصلية كانت أو فرعية ـ إلاّ السماع من الصادقين ، وأنّه لا يجوز استنباط الأحكام النظرية من ظواهر كتاب الله ولا من ظواهر السنّة النبوية ما لم يعلم أحوالها من جهة أهل الذكر عليهم السلام بل يجب التوقّف والاحتياط فيها» (١).
٢ ـ دعوى قطعية أحاديث الكتب الأربعة. وقد بُني على هذا الأصل انتفاء البحث عن حال الراوي من حيث الوثاقة أو عدمها ، ولكن هذا الادّعاء لم يستند على حجّة أو بيّنة ؛ لأنّ مؤلّفي الكتب الحديثية الأربعة أنفسهم لم يدّعوا ذلك ، بل أنّ أقصى ما يمكن نسبته إليهم هو أنّهم ادّعوا صحّة الأخبار المودعة فيها بقرائن تفيد الاطمئنان بصدورها عن الأئمّة عليهمالسلام ، ولكن خبر العدل لا ينهض إلى مستوى الحجّية إلاّ أن يكون ناتجاً عن قضية حسّية لا حدسية ، وقد كان نقل الأخبار بأسانيدها يدفعنا للأيمان دائماً بأنّ المشايخ الثلاثة (الكليني والصدوق والطوسي) كانوا يشعرون بالإحساس بضرورة البحث عن أحوال الرواة من حيث الوثاقة أو عدمها خصوصاً في الأجيال التي ستلحقهم ، ولذلك فإنّهم قد تحمّلوا عبء
__________________
(١) الفوائد المدنية : ٤٧.