بالخالق عزّ وجلّ والروح والملائكة والجنّ والنفس اللوامة عند الإنسان ، وبكلمة ؛ فقد قدّم هذا المذهب للبشرية نظريته الأساسية القائلة : إِنَّ كلّ شيء في الكون يمكن تفسيره بموجب قواعد القانون الحاكم على الظروف الطبيعية المادّية في العالم الخارجي.
وقد نما المذهب الحسّي في القرن السابع عشر الميلادي في أوروبا بعد فترة سبات استمرّت أكثر من ثمانية عشر قرناً ؛ فقد كان آخر من كتب في النظرية المادّية الفيلسوف الروماني (لوكيرتس) في القرن الأوّل قبل الميلاد ، وأهمّ من كتب في النظرية المادّية في القرن السابع عشر هو : (بيـريه كاسندي) (ت ١٦٥٥ م) ، و (توماس هوبس) (ت ١٦٧٩ م) اللذان بلورا الحركة الطبيعية (الشكّية) وهو المذهب الذي آمن بأنّ المعرفة الحقيقية غير مؤكّدة بل أنّها تدفع الإنسان نحو النـزوع للشكّ ، بما فيه الشكّ في مبادئ الدين كالخلود في الآخرة والوحي والعقل.
ومع أنّ هناك التقاء فكريّاً ملحوظاً بين الحركة الأخبارية والمذهب الحسّي الأوروبي حيث هاجمت كلاهما العقل وألغتا قيمة استدلالاته وحججه المنطقية ، إلاّ إنّنا لا نستطيع الجزم بأنّ هناك رابطة اقتباس من نوع ما بين الفكرتين ، خصوصاً وإنّ وسائل الترجمة ونقل المعلومات بين أوروبا والعالم الإسلامي كانت في غاية الضعف في القرنين السادس والسابع عشر الميلاديين.
ومهما يكن من أمر فإنّ الحركة الأخبارية كانت تخشى ، بجهل مفرط ، أن يتحوّل الاستغراق في اعتماد العنصر العقلي في الاجتهاد إلى ابتعاد عن موارد النصوص الشرعية تدريجياً ، وهو خلل أثبتت السنون المتعاقبة عدم استناده على أىّ مبرّر شرعي أو عقلائي.