الأحمر ، عن حمزة بن الطيّار ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : قال لي : اكتب ، فأملى علىَّ : إنّ من قولنا أن الله يحتج على العباد بما آتاهم وعرّفهم ، ثمَّ أرسل إليهم رسولاً ، وأنزل عليهم الكتاب ، فأمر فيه ونهـى ، أمـر فيـه بالصـلاة والصيام ...) (١) الحديث والتطبيق كما مر (٢).
وهنا يعلن الفاضل التوني أنّ الملازمة بين الحكمين الشرعي والعقلي ثابتة ؛ فالعقلاء إذا تطابقت آراؤهم بما هم عقلاء على حُسن شيء ، فلا بدّ للشارع أن يحكم بحكمهم ، لأنّه سيّد العقلاء ، بمعنى أنّ الالتزام بالتحسين والتقبيح العقليّين هو نفس الالتزام بتحسين الشارع وتقبيحه ، وفقاً لحكم العقلاء لأنّه سيّدهم ، وهذا الفهم ينسجم مع تركيبتنا العقلية ونظرتها إلى الأشياء.
وإلى ذلك أشار الوحيد البهبهاني في فوائده الحائرية : (...إنّ العقل لا منافرة له (٣) بالنسبة إلى مثل ترك الصلاة والحجّ مما هو قُبحه شرعىّ من بديهيّات الدين ، ولا تدرك عقولنا جهة قُبحه ، على أنّ البديهة حاكمة بالفرق بين ما ذُكر من الفحشاء والقبائح وبين أضدادها من المحاسن ، وكذا بين الصدق النافع والكذب الضارّ ، فكيف تكون المنافرة من جهة الشرع؟ وكذا لا منافرة له بالنسبة إلى ما خالف العرف إذا كان ملائماً للعقل ، وكذا ما خالف العادة إذا كان ملائماً للعقل والغرض ، ولا شبهة في هذا أيضاً) (٤) ..
وفي موضع آخر : (...إنّ العقل يحسِّن ويقبِّح ، ولا شكّ في أنّه
__________________
(١) الكافي ١ / ١٦٤ ح ٤.
(٢) الوافية : ١٧١ ـ ١٧٢.
(٣) المنافرة تعني المحاكمة كما في الصحاح للجوهري ٢ / ٨٣٤.
(٤) الفوائد الحائرية الجديدة : ٣٦٦.