يقبِّح عصيان المولى ، كما أنّه يقبِّح عصيان كلّ عبد لما أمر به مولاه ونهاه عنه ؛ فأمر المولى ونهيه ليس حُسناً وقُبحاً ، بل علّة لتحقّق الحُسن في الإطاعة ، والقُبح في المعصية) (١).
ولا شكّ أنّ إثبات وجود حكم عقلي خاص بالعقل العملي في الحُسن والقُبح لطائفة من الأفعال سيوصّلنا إلى نتيجة مهمّة وهي : ثبوت العقل النظري في إدراك الملازمة بين حكم العقل العملي وحكم الشرع ، وهذه النتيجة تطابق نتيجة أخرى مستوحاة من حكم العقل النظري بالملازمة بين وجوب الشي ووجوب مقدّمته ، ومستوحاة أيضاً من حكم العقل النظري بتقديم الأهمّ من المتزاحمين على المهمّ ، ومستوحاة أيضاً من حكم العقل النظري في الأجزاء ونحوها من الموارد التي يكون فيها للعقل النظري حكم قطعي واضح المعالم.
موقف الفقهاء اتجاه العقل :
إنّ الشعور بالتخوّف من الاستغراق في اعتماد العنصر العقلي في الاجتهاد والابتعاد عن النصّ الشرعي بالتدريج ، والتخوّف أيضاً من الابتعاد عن خطّ الاحتياط في الدين كان قد أدّى إلى مواقف سلبية تجاه العقل والملازمات العقلية والتشكيك في حجّية الأحكام العقلية ، ولكن ظهور عصر البناء العلمي بقيادة فقهاء أجلاّء مثل : الفاضل التوني ، والوحيد البهبهاني ، والمحقّق القمّي ، والمقدّس الكاظمي ، والشيخ محمّـد تقي الأصفهاني قلب الموقف العلمي لصالح نظرية (الملازمة بين الحكمين
__________________
(١) الفوائد الحائرية الجديدة.