التنصيص والتصريح ، وإذا إفترضنا ـ جدلاً ـ أنّنا توقّفنا عن الأخذ بظهور الأدلّة اللفظية بسبب ذلك ، فنكون قد ألغينا طائفة واسعة من الروايات الظاهرة في معانيها غير الصريحة ، ونكون قد ارتكبنا أفدح الأخطاء على نطاق الاستدلال الشرعي.
٣ ـ الشكّ :
ويُقصد بالشكّ مطلق الجهل بالحكم ، سواء كان طرفا الترديد متساويين أو مختلفين ؛ فعندما يخفى الحكم الشرعي أو موضوعه على المكلّف ـ عن طريق الجهل به أو عن طريق افتقاد الأمارة المعتبرة شرعاً ـ يكون الشكّ عندئذ مجرى لأحد الأُصول العقلية : كالبراءة والاحتياط ، أو الشرعية : كالاستصحاب والبراءة الشرعية.
أمّا إذا كان الشكّ في الموضوع الخارجي (أي في الشبهة الموضوعية الخارجية) وليس في الحكم الشرعي ، فإنّ القواعد الأُصولية الفرعية هي التي يتمّ تطبيقها ـ عندئذ ـ كقاعدة الفراغ والتجاوز ، وقاعدة أصالة صحّة فعل المسلم ونحوها.
وأمّا إذا كان الشكّ في الشبهات الموضوعية والحكمية ، فإنّ الأُصول الأربعة وهي : البراءة والتخيير والاحتياط والاستصحاب تكون ـ عندها ـ وظيفة الجاهل بالواقع من حيث جهله به ويأسه من الكشف عنه بالعلم أو الظنّ المعتبر.
ولا شكّ أنّ الشيخ الأنصاري كان قد فكّك بين الأمارات الظنّية والأُصول الأربعة ، فالأمارات كخبر الواحد مثلاً تستطيع بطبيعتها الكشف عن درجة من درجات الحكم الواقعي ، وقد تمّمها الشارع بالاعتبار الشرعي ،