المنتشرة هنا وهناك أصولاً بحسب المباني العقلية والشرعية ، ففي حالة الشكّ مثلاً ثبّت الأصوليّون ما سُمّي بالأُصول الأربعة ، وهي : الاستصحاب والبراءة والاحتياط والتخيير ، وتلك الأُصول الأربعة عامّة تجري في الشبهات الحكمية والموضوعية ، ولذلك اهتمّ بها علم الأُصول أشدّ الاهتمام ؛ فالمدرسة الأُصولية الإمامية بكافّة فقهائها وعلى فترة زمنية مديدة ، أشبعت تلك الأُصول الأربعة بحثاً ونقداً ، بحيث وصلت تلك المباحث الأُصولية اليوم إلى درجة من الدقّة والعمق ، فمثلاً عندما يُراد التفريق بين الأصل والدليل ، فإنّ النظرية الأُصولية الحديثة تقول : (إنّ الأصل خارج عن الدليل موضوعاً وتخصّصاً لا حكماً وتخصيصاً) ، بمعنى أنّه لا يوجد هناك أىّ تعارض ولا تخصيص بين الأصل والدليل ، فالدليل متقدّمٌ ذاتاً على الأصل ، والأصل متأخّر رتبة عن الدليل ، ولذلك فإنّهما لا يجتمعان في موضوع واحد ، والنتيجة أنّ الأصل العملي لا تقرّ بأخذه (النظرية الأُصولية) إلاّ بعد اليأس من وجود الدليل ، كما فصّلنا ذلك في الفصل الرابع.
اتجاهات المنهج العلمي في الأُصول :
ومن خلال دراسة متأنّية لتاريخ علم الأُصول نستطيع أن نشخّص ثلاثة اتّجاهات مهمّة في المنهج العلمي للمدارس الأُصولية.
الأوّل : هو الاتّجاه الذي حاول تنظيم علم الأُصول اعتباره علماً مستقلاًّ عن المدارس السنّية ، فهاجم القياس والاستحسان والمصالح المرسلة ونحوها وأخرجها من علم الأُصول ، وكان من روّاده الشيخ المفيد