أقوى منه إذا توسّطت» (١).
وقال الجامي (ت ٨٩٨ هـ) : «وقد نقل الإلغاء عند التقديم أيضاً ، نحو : (ظننتُ زيدٌ قائمٌ) لكنّ الجمهور على أنّه لا يجوز» (٢) ، يريد جمهور نحاة البصـرة.
وقال ابن مالك (ت ٦٢٧ هـ) : «إنّ الأفعال القلبيّة (ظنَّ واخواتها) تختصّ متصرفاتها بقبح الإلغاء في نحو : ظننتُ زيد قائم ، وبجوازه بلا قبح ولا ضعف في نحو : زيدٌ قائمٌ ظننتُ ، وزيد ظننتُ قائم ، وتقدير ضمير الشأن أو اللام المعلِّقة في نحو : ظننتُ زيدٌ قائم ، أوْلى من الإلغاء» (٣).
فعلى تقدير ضمير الشأن بعدها يكون هو المفعول الأوّل والجملة بعده في محلّ نصب مفعولاً ثانياً ، وعلى تقدير اللام (ظننتُ لزيدٌ قائِم) تدخل المسألة في باب تعليق عمل الفعل القلبي في المبتدأ والخبر للفصل بينه وبينهما بلام الابتداء.
ولعلّ أوّل من عرّف الإلغاءَ اصطلاحاً هو : أبو علي الشلوبين (ت ٦٤٥ هـ) ؛ إذ قال : «الإلغاءُ : أن لا يُعمل العاملُ بشـرط أن لا يكون هناك ما يمنعه [من العمل] ، نحو : زيدٌ ظننتُ منطلقٌ ، وزيدٌ منطلقٌ ظننتُ» (٤).
أي : أنّ الإلغاء أمر اختياري تابع لقصـد المتكلّم وإرادته ، وليس هناك ما يوجبه كوجـود مانع من إعمال الفعل ..
__________________
(١) الإيضاح في شرح المفصّل ، ابن الحاجب ، تحقيق إبراهيم محمّـد عبد الله ٢ / ٦٢ ـ ٦٣.
(٢) الفوائد الضيائية ، عبـد الرحمن الجامي ، تحقيق أُسامة الرفاعي ٢ / ٢٧٩.
(٣) تسهيل الفوائد وتكميل المقاصـد ، ابن مالك ، تحقيق محمّـد كامل بركات : ٧١ ـ ٧٢.
(٤) شرح المقدّمة الجزولية ، أبو علي الشلوبين ، تحقيق تركي العتيبي ٢ / ٦٩٩.