في حرب اليمامة (١) ، فخيف ضياع القرآن وذهابه من الناس ، فتصدّى عمر
__________________
رسـول الله ، فآمنوا بالله ورسـوله! فطعنه رجل ، ثمّ اسـتصرخ عامرُ بن الطفيل بني عامر على المسـلمين فلم يجيبوه وقال : لن نخفر أبا براء ؛ وعقد لهم عقوداً وجواراً ، فاسـتصرخ عليهم قبائل بني سُـليم ، عصية ، وعلا ، وذكوان ، فأجابوه ، فخرج حتّى غشـوا القوم فقاتلوهم حتّى قُتلوا عن آخرهم إلاّ كعب بن زيد ، فإنّهم تركوه وبه رمق ، فارتُثّ من بين القتلى ، فعاش حتّى قتل يوم الخندق.
وكان رجلان في سـرح القوم فرأيا الطير تحوم حول المعسكر ، فأقبلا لينظرا إليه فإذا القوم في دمائهم والخيل واقفة ، فقاتلهم الأنصاري حتّى قُتل ؛ وأخذوا عمرو بن أُميّة أسـيراً ، فلمّا أخبرهم أنّه من مضر أطلقه عامر بن الطفيل وجزّ ناصيته وأعتقه ، فقدم عمرو على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وأخبره الخبر ، فقال : «هذا عمل أبي براء» ، فقال حسّـان :
بني أُمّ البنين ألم يرعكم |
|
وأنتم من ذوائب أهل نجدِ |
تهكـم عامر بأبي براء |
|
ليخفره وما خطأٌ كـعمدِ |
وقال كـعب بن مالك :
لقد طارت شـعاعاً كـلّ وجه |
|
خفارة ما أجار أبو براء |
فلمّا بلغ قولهما إليه حمل على عامر بن الطفيل ، فطعنه فخرّ عن فرسـه فقال : هذا عمل أبي براء ، فإن متّ فدمي لعمّي ، وإن عشـت فسـأرى فيه رأيي.
انظر : المغازي ـ للواقدي ـ ١ / ٣٤٦ ، السـيرة النبويّة ـ لابن هشـام ـ ٤ / ١٣٧ ، الطبقـات الكبـرى ـ لابن سـعد ـ ٢ / ٤٠ ، تاريـخ الطبـري ٢ / ٨٠ ، السـيرة النبويّـة ـ لابن حبّان ـ : ٢٣١ ـ ٢٣٣ ، إعلام الورى ١ / ١٨٦ ، مناقب ابن شهرآشوب ١ / ٢٤٧ ـ ٢٤٨.
(١) إشارة إلى ما وقع من معارك طاحنة بين المسـلمين من جهة وبين أنصار المرتدّ ومدّعي النبوّة مسـليمة الكـذّاب ، والتي بدأت رحاها تدور في أواخر العام الحادي عشـر من الهجرة ، وانتهت في ربيع الأوّل من العام الثاني عشـر بقتل مسـيلمة ، وقد قُـتل خلالها عدد كبير من المسـلمين.
واليمامة : منقول عن اسم طائر يقال له : اليمام ، واحدته : يمامة ، واختُلف فيه ، فقال الكسائي : اليمام من الحمام التي تكون في البيوت ، والحمام البرّي ، وقال الأصمعي : اليمام ضرب من الحمام البرّي.