فأرسـلت بها حفصة إلى عثمان ، فأمر زيد بن ثابت ، وعبـد الله بن الزبير ، وسـعيد بن العاص ، وعبـد الرحمن بن الحارث بن هشـام ، فنسـخوها في المصاحف ، وقال عثمان للرهط القرشـيّين الثلاثة : إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكـتبوه بلسـان قريش ، فإنّما نزل بلسـانهم.
ففعلوا ، حتّى إذا نسـخوا الصحف في المصاحف ردّ عثمان الصحف إلى حفصة ، فأرسل إلى كلّ أُفق بمصحف ممّا نسـخوا ، وأمر بما سواه من القرآن في كلّ صحيفة أو مصحف أن يحرق» (١).
قال ابن شـهاب :
«وأخـبرني خارجـة بن زيـد بن ثابـت ، سـمـع زيـد بـن ثابـت ، قـال : فقـدتُ آيـة من الأحـزاب حيـن نسـخنا المصحـف ، قـد كـنت أسـمع رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقرأ بها ، فالتمسـناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري (٢) : (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله
__________________
(١) أقـول : أمن المعقول والمنطقي أنّ دولةً إسلاميةً كبيرةً هزّت عروش إمبراطوريات عظيمة ، ووصلت إلى ما وصلت إليه من الامتداد والتوسّع في رقعتها ، حتّى بلغت أرمينيا وأذربيجان في زمن عثمان بن عفّان لا تملك صحفاً من القرآن إلاّ نسـخةً واحدة عند حفصة لكي يسـتعين بها عثمان في نسـخها في المصاحف ثمّ إرسالها إلى كلّ أُفق كما هو المفهوم من هذه الرواية والرواية الأُولى؟!
(٢) هو : أبو عُمارة خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة الخَطْمي الأوسي الأنصاري ، ولقّب بذي الشـهادتين ؛ لأنّ رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جعل شهادته بشهادة رجلين في حادثة مشهورة يأتي ذِكرها.
شـهد بدراً وما بعدها من المشـاهد ، وكان ورجل آخر يكـسّران أصنام بني خَطْمة ، وكانت راية بني خَطْمة بيده يوم الفتح ، وشهد حربَي الجمل وصِفّين مع