[رواية ابن الأثير عن الحرب بين خوارزم شاه والخطا]
وقال ابن الأثير في «الكامل» (١) : لمّا استقرّ أمر خراسان لخوارزم شاه محمّد بن تكش عبر جيحون في هذه السنة في جحفل عظيم ، فجمع الخطا جموعهم ، والمقدّم عليهم طاينكو (٢) ، وكان شيخا مسنّا لقي الحروب ، وكان مؤيّدا فيها مدبّرا ، فكانت وقعة لم يشهد مثلها ، انكسر فيها الخطا وقتل خلق كثير ، وأسر طاينكو فجيء به إلى خوارزم شاه ، فأجلسه معه على السّرير واحترمه ، ثمّ سيّره إلى خوارزم ، وافتتح خوارزم شاه بلاد ما وراء النهر قهرا وصلحا حتّى بلغ أوزكند ، وجعل نائبة عليها ، ورجع إلى خوارزم وفي خدمته ملك سمرقند ، وكان من أحسن النّاس صورة ، فزوّجه خوارزم شاه بابنته ، وردّه وردّ معه شحنة يكون بسمرقند على قاعدة ملك الخطا مع صاحب سمرقند. فتعب صاحب سمرقند بالخوارزمية ، وندم لما رأى من سوء سيرتهم وقبح معاملتهم النّاس ، وأرسل إلى ملك الخطا يدعوه إلى سمرقند ليسلّمها إليه ، ويعود إلى طاعته. ثمّ أمر بقتل كلّ من عنده من الخوارزميين ووسّط جماعة من أعيانهم ، وعلّقهم في الأسواق ، ومضى إلى القلعة ليقتل زوجته بنت خوارزم شاه ، فأغلقت الأبواب ، ومنعت عن نفسها هي وجواريها ، وبعثت تقول له : أنا امرأة ، وقتل مثلي قبيح ، فاتّق الله فيّ. فتركها وضيّق عليها. وجاء الخبر إلى السّلطان والدها ، فغضب وقامت قيامته ، وأمر بقتل كلّ من بخوارزم من الغرباء ، فمنعته أمّه وخوّفته ، فاقتصر على قتل كلّ سمرقنديّ بها ، فنهته أيضا فانتهى. وأمر جيشه بالتّجهّز إلى ما وراء النّهر ، فسار وسار في ساقتهم ، ونازل سمرقند ، وأرسل إلى صاحبها يقول له : قد
__________________
= وزبدة الحلب ٣ / ١٦٢ ، وذيل الروضتين ٦٧ ، ومفرّج الكروب ٣ / ١٩٣ ـ ١٩٥ ، ودول الإسلام ٢ / ١١١ ، والمختصر في أخبار البشر ٣ / ١١٢ ، والبداية والنهاية ١٣ / ٥٢ ، والعسجد المسبوك ٢ / ٣٣١ ، وتاريخ ابن سباط ١ / ٢٤٧ ، ونهاية الأرب ٢٩ / ٤٩ ، ٥٠.
(١) ج ١٢ / ٢٦٧ ـ ٢٧١ (حوادث سنة ٦٠٤ ه.).
(٢) هكذا في أصل المؤلّف. وفي الكامل : «طاينكوه» ، وفي نسخة أخرى «طايتكو».