قلت : أمّا منصور النّمري فغريب البنا ، قريب المعنى ، سهل كلامه ، صعب مرامه ، سليم المتون ، كثير العيون ، وأمّا مسلم فمزج كلام البدويّين بكلام الحضريّين ، وضمّنه المعاني اللطيفة ، والألفاظ الظريفة فله جزالة البدويّين ورقّة الحضريّين.
قال : أبيت أن تحكم فحكمت ، منصور أشعرهما(١).
صلات النّمري بالشعراء وذوي السلطان :
علاقته بالشاعر كلثوم بن عمرو العتّابي :
اتصل الشاعر بكلثوم بن عمرو العتّابي (ت ٢٢٠ هـ) ، وهو شامي ، نزل بغداد ، وقد ذكر الأصفهاني أنّه كان مؤدّباً وأُستاذاً للنَّمري ، وعلى هذا فهو تلميذ وراوية العتّابي ، وعنه أخذ(٢).
وقال ابن المعتز في طبقاته : إنّ النَّمري كان يجلّ العتّابي ويعظّمه ؛ لقناعته وديانته ؛ ولعلمه وسعة أدبه(٣) ، وقد ساعد العتّابي تلميذه النَّمري في الانتقال من الشام إلى بغداد وإيصاله إلى الرشيد(٤).
وفي رواية ثانية : إنّ النّمري كان قد مدح الفضل بن يحيى البرمكي بقصيدة ـ وهو مقيم بالجزيرة ـ فأوصلها العتّابي إليه ، واسترفده له ، وسأله استصحابه ؛ فأذن له في القدوم ، فحظي عنده(٥).
كان العتّابي هو الشاعر المجيد ذو المنزلة المرموقة عند الرشيد
__________________
(١) تاريخ بغداد ١٣ / ٦٧ ـ ٦٨.
(٢) وفيات الاعيان ٤ / ١٢٣.
(٣) طبقات الشعراء : ٢٤٢.
(٤) الأغاني ١٣ / ١٤٠.