ويخلطون بين «البلاء» و «العذاب» ؛ لأنّ البلاء يكون عن «حبّ ورضا» والعذاب إنّما يكون عن «سخط وغضب» ، ولذا قال عليه السلام : «ما أحبّ الله قوماً إلاّ ابتلاهم» ، بل في غير واحد من الأخبار أنّ البلاء كالهديّة التي يأتي بها الرجل لأهله بعد أنْ غاب عنهم مدّةً :
عن أبي جعفر عليه السلام : «إنّ الله ليتعاهد المؤمن بالبلاء كما يتعاهد الرجل أهله بالهديّة من الغيبة ، ويحميه الدنيا كما يحمي الطبيب المريض»(١).
ويستفاد من الأخبار ، أنّه كلّما ازداد العبد إيماناً زيد في بلائه ، وكلّما كان بلاؤه أعظم كان أجره أعظم ....
قال عليه السلام : «إنّما المؤمن بمنزلة كفّة الميزان ، كلّما زيد في إيمانه زيد في بلائه»(٢).
وقال : «إنّ عظيم الأجر لمع عظيم البلاء»(٣).
وربّما تعجّب بعض النّاس إذا قرأ الخبر :
«عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : إنّ الله إذا أحبّ عبداً غتّه بالبلاء غتّاً ، وثجّه(٤) بالبلاء ثجّاً ، فإذا دعاه قال : لبيّك عبدي ، لئن عجّلت لك ما سألت إنّي على ذلك لقادر ، ولئن ادّخَرت لك فما ادّخرت لك خير لك»(٥).
فمفاد الخبر أنّ الله يسمع دعاء المؤمن رفع البلاء ويجيبه بأنّ بقاء
__________________
(١) وسائل الشيعة ٣/٢٦٣ ح ٣٥٩٢.
(٢) وسائل الشيعة ٣/٢٦٤ ح ٣٥٩٥.
(٣) وسائل الشيعة ٣/٢٦٣ ح ٣٥٩٣.
(٤) الثَّجّ: الصبّ الكثير. المحكم والمحيط الأعظم ٧/١٩٤ «ثجج».
(٥) وسائل الشيعة ٣/٢٦٤ ح ٣٥٩٨.