قوم أخلاقهم الاجتماعية وآدابهم العرفيّة ، فمن عاش في بلد وعاشر قوماً فلا ينبغي أن يشذّ عنهم في أخلاقه وسلوكه.
والأمر الثالث :
في خصوص الصّلاة ، مع كونها من التكاليف الإلهية بل هي عمود الدين ، إن قبلت قبل ما سواها وإنْ ردّت ردّ ما سواها ، ومع أنّهم يقولون : «لا تصلِّ إلاّ خلف من تثق بدينه»(١).
يأمر الأئمّة عليهم السلام بالصّلاة في مساجد المسلمين ، من باب حسن المعاشرة والتعايش السليم معهم ، وحفظاً للنفوس والأعراض من أنْ تتعرّض للأخطار :
عن أبي علي ـ في حديث ـ قال : «قلت لأبي عبد الله عليه السلام : إنّ لنا إماماً مخالفاً وهو يبغض أصحابنا كلّهم؟ فقال : ما عليك من قوله ، والله لئن كنت صادقاً لأنت أحقّ بالمسجد منه ، فكن أوّل داخل وآخر خارج ، وأحسن خلقك مع النّاس وقل خيراً»(٢).
ففي هذا الخبر ، يسأل الراوي الإمام عليه السلام عن إمام الجماعة في محلّته المخالف لأهل البيت والمبغض لأصحابهم كلّهم ، ماذا يفعل ، وكيف يتعامل معه؟ فأجاب الإمام : «ما عليك من قوله» ، أي : لا تهتمّ بما يقوله في الشيعة والتشيّع من السبّ والطعن ، ثمّ يأمره بلزوم المسجد والحضور فيه ، حتّى يكون أوّل داخل فيه وآخر خارج منه ، ويأمره بحسن الخلق مع النّاس وأنْ لا يقول إلاّ الخير.
بل يأمر عليه السلام ـ كما في عدّة من الأخبار ـ بأنْ يكون في الصفّ
__________________
(١) وسائل الشيعة ٨/٣١٩ ح ١٠٧٧٨.
(٢) وسائل الشيعة ٨/٣٠٠ ح ١٠٧٢٢.