قال هشام : ذلك محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم).
قال يحيى : فهذا محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) لا تقوم له عصمة ، حتّى يقول جلَّ اسمه : (وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى)(١) ، فهل يكون الضّالّ رجلاً معصوماً من [الذنوب ، فيأتي بأضعف من الذنب حتّى يجمع على ظهره فيكون وزراً عظيماً.
قال هشام : يا يحيى ، خبّرني عن الضلال على كَم وجه؟
قال : يحيى على ثلاثة وجوه : ضالٌّ عن علم ، وضالٌّ عن طريق ، وضالٌّ عن هدى.
قال هشام : صدقت يا يحيى ، إنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، لمّا أُسري به(٢) إلى السماء ، وصار عند سدرة المنتهى زجّ به جبرائيل عليهالسلام في النور ، فنادى : «يا جبرائيل ، هَهُنا يترك الخليل خليله ، والحبيب حبيبه؟!»
قال جبرائيل عليهالسلام : إنّي لا أستطيعُ أنْ أسلك معك في النور.
فبقي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وحده لا يدري كيف الطريق(٣) ، فحاشا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يكون ضالاًّ عن هدى أو عن علم.
قال يحيى : ومن يسلّم إليك ، أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أُسري به إلى السماء إنّما يتأوّل بقوله تعالى : (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الاَْقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ)(٤).
__________________
(١) سورة الضحى ٩٣ : ٧.
(٢) تقول : أسرى الليل ، وأسرى به : قطعه بالسير قال تعالى : (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الاَْقْصَى).
(٣) ورد نحوه في الأمالي ـ للطوسي ـ : ٤٣٥ ضمن ح ٥٧٦. روضة الواعظين : ٥٥ (باب الكلام في المعراج).
(٤) سورة الإسراء ١٧ : ١.