قال هشام : فأخبرني عن هذا المسجد الأقصى أين هو؟
قال يحيى : هو بيت المقدس.
قال هشام : إنَّ الله عزّ وجلّ قال : الأقصى ، والأقصى لا يكون وراءه شيء ؛ لأنَّ الله عزّ وجلّ ذكر أنّهُ الأقصى ، وهذا لا يكون وراءه شيء ، وبيت المقدس ، إنْ كان وراءه شيء لا يستحيل ، فهذا ورآء هذا.
قال يحيى : هكذا قال الله سبحانه.
قال هشام : ووجه آخر يا يحيى ، إنَّ ضلال النبي حبّه لربّه.
قال : وكيف يكون الضّالّ محبّاً؟
قال هشام : إنّ الله عزّ وجلّ يقول عن يوسف عليهالسلام : (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أبي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ)(١) إلى قوله : (قَالَ أَبُوهُمْ : إِنِّي لاََجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ * قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ الْقَدِيِم)(٢) ، يعنون به حبّه ليوسف ، وكذلك كان ضلال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)حبّه لربّه ، كضلال يعقوب بحبّ يوسف عليه.
ووجه آخر ، وهو ما لا يُدْفَعُ يا يحيى ، ولا يمكنك إنكاره ، ولا يمكن الخصم دفعه ، ولا يهتدي له أحد من الناس ، وهو في كتاب الله عزّ وجلّ.
فقال له يحيى : ما هو يا هشام؟
قال : أمَّا قوله عزّ وجلّ : (وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى)(٣) ، أراد وجدك نَسِيّاً فجعلك ذَكُوراً.
__________________
(١) سورة يوسف ١٢ : ٩٣.
(٢) سورة يوسف ١٢ : ٩٤ و ٩٥.
(٣) سورة الضحى ٩٣ : ٧.