قال : وكيف يكون الضلال نسياناً؟
قال هشام : أما سمعت قول الله عزّ وجلّ : (أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الاُْخْرَى)(١) ، أراد أن تنسى(٢).
قال : فلمّا رأى الرشيد الحجّة قد أفلجت على يحيى ، قال : والله لقد ظهر عليك يا يحيى ، وأعجبه كلام هشام ، وخروجه من حججه ، وجعل يهتزُّ في مجلسه ، ويكرّر الآيات ويستحسن وقوعها ، وعظم هشام عنده.
ثمَّ قال يحيى : هذه واحدة ، فأخبرني عن الوزر(٣)؟
قال هشام : ويحك يا يحيى ، ليس الوزر الذنب ، أما سمعت قول الله سبحانه : (حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا)(٤).
قال : بلى. فما وزر الحرب؟
قال : أنْ تقوم على ساق فكان من شأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنْ يباشر الحرب بنفسه ، فوضع الله عزّ وجلّ عنه وزر الحرب ، وأيّده بأخيه وابن عمّه علي بن أبي طالب ، وهذا تأويل قوله جلّ اسمه : (وَوَضَعْنَا عَنكَ وَزْرَكَ)(٥) يعني وزر الحرب ، لا وزر الذنب.
قال يحيى : يا هشام ، قد أقمت عصمة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وعصمة علي بن أبي طالب ، فأخبرني عن الخلق هل يحتاجون إلى إمام أم لا؟
__________________
(١) سورة البقرة ٢ : ٢٨٢.
(٢) الأقوال في معنى «الضلال» في الآية موجودة في : البحار ١٦ / ١٣٧. التنزيه : ٩١ (في تنزيه سيّدنا محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم)) ، التبيان ١٠ / ٣٦٩ ، مجمع البيان ١٠ / ٣٨٣ ، تفسير الثعلبي ١٠ / ٢٢٨ ، تفسير السمعاني ٦ / ٢٤٤ ، تفسير البغوي ٤ / ٤٩٩.
(٣) مرداه ما جاء من قوله تعالى في كتابه الكريم : (وَوَضَعْنَا عَنكَ وَزْرَكَ).
(٤) سورة محمّد ٤٧ : ٤.
(٥) سورة الانشراح ٩٤: ٢.