قال هشام : لا بدّ من إمام مفترض الطاعة.
قال يحيى : وما الدليل على ذلك؟
قال هشام : رأيت الله عزّ وجلّ قد أوجب على الخلق حدوداً لا يقدر العبد أن يؤدّيها من نفسه كـ قتل القاتل ، وقطع السارق وحدّ الزاني ، فلمّا رأيتهم مع ذلك مأمورين ومنهيّين ، علمت أنّه لابدّ من إمام مفترض الطّاعة ، وليس كلُّ من ادّعى الإمامة جاز له ذلك ؛ لأنَّ إمامي المفترض الطاعة ، موصوف منعوت بأربع خصال.
قال يحيى : ما هي؟
قال هشام : أمَّا الأولى ، فإنّه يكون معصوماً.
قال يحيى : وما الدليل على عصمته؟
قال هشام : إنّي رأيت رعيّته معاقبة على الموبقات التي توجب الحدود ، ومتى جاز عليه ما جاز على رعيّته لم آمن أن يَثْبُتَ من جنبه حدّ ، ولا يجوز أن يقيم الحدود عن الله من جنبه حدّ ، ومن كان بهذه الصفة ، فلا يجوز أن يكون السفير بين الله وبين خلقه.
قال يحيى : هذه واحدة.
قال هشام : والثانية أن يكون شجاعاً.
قال يحيى : وما الدليل على شجاعته؟
قال هشام : إنّي لا آمن أن يلتقي هو وطائفته من المؤمنين طائفة من الكافرين ، فيولّيهم الدّبر ، فيستوجب العقاب لقوله تعالى : (وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِقِتَال أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَة فَقَدْ بَاءَ بِغَضَب مِنَ