الفصل الأوّل
طبيعة نقل الحديث والسنّة
مقدّمة :
كانت جامعة علوم أهل البيت عليهمالسلام قاعدة ثابتة للعلم الرجالي. فمن حوزتها انطلقت الشرارة التأسيسية لبناء علم الحديث رواية ودراية على أيادي الشيخ النجاشي (ت ٤٥٠ هـ) ، وشيخ الطائفة الطوسي (ت ٤٦٠ هـ). وبقي فقهاء الشيعة يتدارسون الحديث تدقيقاً وتحقيقاً ، ويتكلّمون فيه سنداً ودلالة. ومن أجل ذلك وغيره ، اختلف الفقهاء المجتهدون في الفتيا ؛ لاختلافهم في مدلول الروايات ، أو صحّة سندها.
فالفقيه لا يستطيع ـ عند ممارسته عملية استنباط الحكم الشرعي ـ الاعتماد على مطلق الأخبار الواردة في الكتب الروائية ، خصوصاً بعد ابتعاده عن عصر النصوص الشرعية. فكان عليه انتقاء ما يعتبره حجّة شرعية وما يفيد الاطمئنان بصدوره عن المعصوم عليهالسلام ؛ ولذلك ألزم المجتهد نفسه في عصر الاستدلال على التمييز بين الثقات العدول من الرواة عن غيرهم من الضعفاء والمجاهيل.
فكان علم الرجال أحد الأدوات الرئيسية في الاستدلال على صحّة الرواية عن طريق استقصاء القرائن والأمارات ، على كون الراوي أو الذي يروي عنه ثقة ، مؤتمن على حمل الرواية ، ونقلها للأجيال المتعاقبة ، دون التورّط في الكذب ، أو التغيير ، أو التحوير ، أو كلّ ما يمسّ جوهر الحديث من سوء.