الدلالات :
١ ـ إنّ عدم كتابة السنّة النبوية الشريفة كان لها مدلولان :
الأوّل : ظاهري ، وهو الزعم باحتمال اختلاط أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)بالقرآن الكريم. وهذا الاحتمال ضعيف عقلاً وشرعاً ؛ فأُسلوب القرآن الكريم يختلف عن أسلوب الحديث النبوي الشريف ، ومجرّد عرض الاحتمال يعكس عدم التدبّر بكتاب الله المجيد ذاته الذي تحدّى العرب بإعجازه ووعد المرسِل عزّ وجلّ بحفظه إلى يوم القيامة ، بقوله : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)(١).
الثاني : واقعي ، وهو خشية القوم من ذكر فضائل علي عليهالسلام وأهل البيت عليهمالسلام ؛ لأنّ في التدوين تثبيت لتلك الفضائل دون شكّ ؛ فينفضح عندها من اغتصب الخلافة من أئمّة أهل البيت عليهمالسلام.
٢ ـ إنّ عدم كتابة الحديث قد أدّى ـ لاحقاً ، وبعد فترة وجيزة ـ إلى التجرّؤ على الأحكام الشرعية وتبديلها ، كما عمد عبـد الله بن الزبير على تقديم الصلاة على الخطبة يوم الجمعة ، أو ما كان من المبالغة في المنع عن الجهر بالبسملة في الصلاة عند بني أُمية وغيرها.
٣ ـ اختلاط أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بفتاوى أئمّة المذاهب الأربعة إلى حدّ أنّ أحدهم (وهو مالك) روى مائة ألف حديث ، ولم يعمل إلا بخمسمائة منها. وفي ذلك تشويش عظيم على شريعة سيّد المرسلين (صلى الله عليه وآله وسلم).
__________________
(١) سورة الحجر ١٥ : ٩.