من مهمّات الدين ـ التي أراد الله تكليف عباده إيّاها ـ لبيّنها لهم من غير سؤال ، فإنّ الله تعالى أعلم بما هو خيرٌ لهم .. وقد كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يكره كثرة السؤال ونهى عنها ؛ لئلاّ تكون سبباً لكثرة التكاليف فتعجز الأُمّة عن القيام بها ...»(١).
نقل السيوطي في تنوير الحوالك عن القاضي أبي بكر بن العربي : «إنّ مالكاً روى مائة ألف حديث ، جمع منه في الموطّأ عشرة آلاف ، ثمّ لم يزل يعرضها على الكتاب والسنة ويخبرها بالآثار والأخبار حتّى رجعت إلى خمسمائة»(٢).
ثمّ نقل السيوطي أيضاً في تقريبه عن ابن حزم : إنّه أحصى سبعين حديثاً قد ترك مالك نفسه العمل بها(٣).
وقال الليث بن سعد : أحصيتُ على مالك سبعين مسألة وكلّها مخالفة لسنّة الرسول(٤).
وألّف الدارقطني جزءً فيما خالف فيه مالك من الأحاديث في موطّأه(٥).
وكان من آثار تأخير تدوين الحديث إلى ما بعد المائة الأُولى من الهجرة وصدر كبير من المائة الثانية : أن اتسعت أبواب الوضع بغير ضابط ولا قيد ، واختلط الصحيح بالموضوع من الحديث الشريف.
__________________
(١) مقدمة كتاب المغني ١ / ١٨ ـ ١٩.
(٢) تنوير الحوالك : ٦.
(٣) تنوير الحوالك : ٨.
(٤) جامع بيان العلم وفضله ٢ / ١٤٨.
(٥) أضواء على السنة المحمّـدية : ٢٩٨.