الفصل الثالث
الأُصول الأربعمائة والمجاميع الحديثية الأربع
مقدّمة :
لا شكّ أنّ الحديث عن الأُصول الأربعمائة في المدرسة الإمامية ، يعكس مصداقاً من مصاديق تبدّل الزمان والمكان. وقد عبّر الشهيد الثاني عن ذلك بالقول : «وكان قد استقرّ أمرُ المتقدّمين : على أربعمائة مصنَّف لأربعمائة مصنِّف سمّوها : الأُصول ، وكان عليها اعتمادهم ، ثمّ تداعت الحال إلى ذهاب معظم تلك الأُصول ، ولخّصها جماعة في كتب خاصّة ، تقريباً على المتناول»(١). فكانت أحسن الكتب التي جمعت تلك الأُصول المفقودة ، هي : الكافي ، والتهذيب ، والاستبصار ، ومن لا يحضره الفقيه.
وقد اختلف الفقهاء المتأخّرين في استظهار معنى الأُصول ، خصوصاً وأنّ المتقدّمين ـ كالشيخ المفيد والنجاشي والشيخ الطوسي ـ لم يقدّموا تعريفاً للمصطلح ، بل أرسلوه إرسال المسلّمات.
والتحقيق ، أنّ ما اصطلح على أنّ فلان له أصل ، أو له أصل وكتاب ، اُريد منه أنّه كتب ما سمعه عن الأئمّة عليهمالسلام عموماً ، وعن الإمام الصادق عليهالسلام بالخصوص مباشرة ، وجمعه بين دفّتي مخطوط سُمّي أصلاً.
أمّا إذا كان بينه وبين الإمام عليهالسلام واسطة ـ بمعنى أنّه لم يكن موجوداً زمن الإمام عليهالسلام أو أنّه لم يستطع مقابلة الإمام عليهالسلام والسماع منه مباشرة بل
__________________
(١) شرح البداية في علم الدراية : ٧٤.