سمع من أفراد آخرين بعيدين زمنيّاً عن الإمام عليهالسلام ـ فإنّ ما كتبه كان كتاباً وليس أصلاً.
وهذا التمييز بين الأصل والكتاب دقيق ومهم للغاية ، ويظهر ـ فيما يظهر ـ اعتناء الأصحاب (رضوان الله عليهم) بدقّة نقل الحديث ، وتنبع أهمّية التمييز بين الأصل والكتاب من خلال دراسة الظواهر الاجتماعية التي كان يعيشها عصر النصّ ، خصوصاً محاولات السلطة السياسية اختلاق أحاديث مزوّرة كان هدفها تزوير الأحكام الشرعية ومحو حقائق الدين.
فكان الأصحاب يعتنون بالأُصول باعتبار أنّ وجودها وجود أصلي واقعي بدوي غير متفرّع من وجود آخر ، ولذلك أطلق عليه بالأصل.
قال الوحيد البهبهاني (ت ١٢٠٥ هـ) أنّ : «الأصل هو الكتاب الذي جمع فيه مصنّفه الأحاديث التي رواها عن المعصوم عليهالسلام أو عن الراوي عنه»(١).
وهو الصحيح ؛ لأنّ الأصل من كتب الحديث تعكس حقيقة تأريخية ، وهي أنّ الراوي إنّما كتب الرواية التي سمعها عن المعصوم عليهالسلام مباشرة أو عمّن سمع منه ولم ينقلها عن كتاب أو عن مكتوب آخر.
ومقتضى صيرورة تلك المؤلّفات أُصولاً : إنّ تأليفها كان في عصر الإمام المعصوم عليهالسلام.
الأُصول الأربعمائة :
ولا شكّ أنّ للأصل ميزة علمية ، وهي أنّ احتمال الخطأ أو السهو في
__________________
(١) الفوائد الرجالية : ٣٤. مطبوع مع رجال الخاقاني.