الأصل المسموع بالمشافهة عن المعصوم عليهالسلام أقلّ منها في الكتاب المنقول ، وبذلك فإنّنا نطمئنّ بالمطابقة بين الألفاظ الصادرة عن المعصوم عليهالسلام وبين عين الألفاظ المندرجة في الأُصول ، خصوصاً إذا كان مؤلّف الأصل من المعتمدين عند الطائفة ، فإنّ حديثه المنقول عن المعصوم عليهالسلام يكون حجّة شرعية بالنسبة لنا ، وقد أخذ بذلك الكثير من فقهائنا الأعلام.
فقد صرّح الشيخ البهائي (ت ١٠٣١ هـ) في مشرق الشمسين : بأنّ من الأُمور الموجبة لصحّة الحديث عند القدماء ، هو وجود الحديث في كثير من الأُصول الأربعمائة المشهورة المتداولة عندهم ، وتكرّر الحديث في أصل أو أصلين منها بأسانيد مختلفة متعدّدة ، ووجوده في أصل رجل واحد معدود من أصحاب الإجماع(١).
بينما كان المحقّق الداماد ، وبعد أن تطرّق إلى الأُصول الأربعمائة ، قد تمّم رأي الشيخ البهائي بالقول : «وليعلم أنّ الأخذ من الأُصول المصحّحة المعتمدة أحد أركان تصحيح الرواية»(٢).
ونظرة فاحصة إلى أُسلوب كتابة تلك الأُصول يمنحنا بعداً تأريخيّاً ؛ لفهم طبيعة نقل الحديث ودقّة اتّباع أهل البيت عليهمالسلام في نقل النصوص إلى الأجيال الجديدة المبتعدة عن زمن النصّ ، وفي ذلك ثلاثة أدلّة :
١ ـ روى السيّد ابن طاووس (ت ٦٧٣ هـ) بإسناده عن أبي الوضّاح محمّـد بن عبـد الله بن زيد النهشلي ، عن أبيه ، أنّه قال : «كان جماعة من أصحاب أبي الحسن الكاظم عليهالسلام من أهل بيعته وشيعته يحضرون مجلسه
__________________
(١) مشرق الشمسين : ٢٦٩.
(٢) الرواشح : الراشحة التاسعة والعشرون.