الفصل الرابع
الأُصول الرجالية
الشيخ الطوسي : حلقة الإتصال بين متقدّمي الأرباب الأُصولية والمتأخّرين.
توفّرت للشيخ الطوسي قدسسره ، من وسائل العلم والمعرفة والقدرة على التحليل والتركيب العقليّين ، ما لم يتوفّر لأحد سواه. فقد كانت تحت سلطته العلمية مكتبتين من أهمّ مكتبات العالم في القرن الخامس الهجري ، وهما مكتبة (سابور بن أردشير) وزير بهاء الدولة الديلمي في الكرخ ببغداد حيث كانت تحتضن الكتب القديمة الصحيحة بخطوط مؤلّفيها أو بلاغاتهم. ومكتبة استاذه الشريف السيّد المرتضى (ت ٤٣٦ هـ) الذي صحبه ثماني وعشرين سنة. وكانت تحتوي على ثمانين ألف كتاب.
ومن المؤكّد أنّ تلك المكتبتين كانتا تحتويان على أُصول الأصحاب الأربعمائة ، والمجاميع الحديثية القديمة التي جمعت فيها مواد تلك الأُصول ، والكتب الخاصّة بأسماء الرجال وتراجمهم.
وقد مكّنته تلك الثروة العلمية من تنظيم المصادر الرجالية القديمة وترتيبها ضمن منهج علمي وروح تأسيسية انفرد بها من بين القدماء. فقد أصبحت الكتب الرجالية التي دوّنها وهي : كتاب الرجال ، والفهرس ، واختيار الرجال للكشّي ، من أهمّ المصادر الرجالية في المدرسة الإمامية. ودراسة معمّقة لآثار الشيخ الطوسي في علم الرجال تدفعنا إلى الاستنتاج بأنّه كان حلقة الإتصال بين أرباب الأُصول الرجالية القديمة والمتأخّرين ،