تقفز على كلّ المعايير والقيم المقدّسة التي صاغتها إرادة السماء ، وللأسف فإنّ طيفاً كبيراً قد ضاع وسط أفكار هلامية ضبابية نادى بها التيار الممتعض من قرارات الرسول الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم) لا سيّما المختصّ منها بشؤون إدارة الأُمّة ومستقبلها.
رغم كلّ ذلك نقول: الاختلاف في الفهم طبيعة غريزية في الجنس البشري ، فقد اختلف الكاثوليك والبروتستانت والأرثوذكس في فهم القيم والمبادئ التي نادى بها المسيح عليهالسلام ، واختلف ماركس وهيغل وفيورباخ في فهم المذهب الوجودي الإلحادي ... واختلفنا نحن المسلمون في فهم الإسلام ، فاعتقدته الشيعة كما ترى واعتقده الآخرون كما يرون. ويلعب العقل عندنا كما لدى الكثيرين من غيرنا دوراً محورياً في فهم النصّ والحدث ، فنشأت فينا الفرق والمذاهب والتيارات المختلفة ، ونشأنا نحن أتباع التشيّع على الاعتقاد بكون الفكر الشيعيّ هو المعنى الصحيح للإسلام ، انبثاقاً من الأدلّة والبراهين والشواهد التي تؤكّد أنّ النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) أولى أصل الولاية اهتماماً خاصّاً بالقول والفعل والتقرير ، وجسّد (صلى الله عليه وآله وسلم) وجوب العمل بها من بعده في شامخة غدير خمّ (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى)(١).
لذا فإنّ محاولة النيل من التشيّع عبر نعته بالسياسيّ تارةً والدينيّ أُخرى والاجتماعيّ ثالثة والصفويّ رابعةً ... أو قراءته من خلال بعض التجارب التاريخية والرؤى الفكرية المعيّنة ... أو دراسة الإسلام دراسة انتقائية ... كلها جناية صارخة بحقّه ؛ إذ كلّ تجربة أو رؤية في هذا السياق لا بدّ من عرضها على مفهوم التشيّع فإن وافقته وإلاّ يُضرَب بها عرض
__________________
(١) سورة النجم ٥٣ : ٣ ـ ٤.