التوكيل سمّاه فضلا ، كما سمّاه الله سبحانه فضلا في قوله : (وَكلًّا فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ) ، وقوله : «من أهل بيتك من بعدك مبتدأ خبره قوله : علماء أمّتك» ، وإنّما ، استفاده عليهالسلام من رجوع الضمير إلى (الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ) ، فإنّ المراد بالتوكيل ليس هو الحمل بدل قوله : (فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ) فإنّ الكفار ليس لهم أن يحملوا النبوّة بمعنى أن يتنبؤا باختيارهم ، بل المراد التحفّظ بها علما وعملا وفيها كلّ علم نافع وعمل صالح ، وعند ذلك يظهر وجوب كون هؤلاء القوم علماء الأمة وولاة الأمر بعد رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ إلى آخر ما عدّه عليهالسلام من فضائلهم.
قوله : (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ)
الهاء للسكت ، أثبت في الكتابة لثبوتها في المصحف ، كما قيل ، وقوله : (أُولئِكَ الَّذِينَ) ، فذلكة لشرح هدايتهم وتفصيلها ، وتقديم المتعلق على الفعل يفيد الحصر ، وقد أمر ـ صلىاللهعليهوآله ـ بالإقتداء بهدايتهم لا بهم ؛ لعدم كونه مفضولا بالنسبة إليهم والمتبوع أفضل من التابع لا محالة.
فإن قلت : الإقتداء بهدايتهم اقتداء بهم
قلت : هو كذلك لو كانت الإضافة في قوله : (فَبِهُداهُمُ) من إضافة المصدر إلى الفاعل ، وليس كذلك بشاهد جميع الآيات وخاصة قوله : (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ) وهو متصل به ، بل الهدى هدى الله ، وإنّما أضيف إليهم ؛ لتكون إشعارا بأنّ الدين واحد ، وهو عند الله الإسلام ، فما عرّفه الله لأنبيائه من المعارف الحقّة واحد صراطا مستقيما ، وما شرعه لهم أيضا كذلك ، ولو تطرّق إلى شيء منه نسخ فإنّما هو تكميل لا تغيير.