من قبيل الجري والتطبيق.
قوله : (وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا)
روي من طرق العامة أنّ أبا جهل قال : زاحمنا بنو عبد مناف في الشرف حتى إذا صرنا كفرسي رهان قالوا منّا نبي يوحى إليه؟ والله لا نرضى به ولا نتّبعه أبدا إلّا أن يأتينا وحي كما يأتيه ، فنزلت (١).
وفي تفسير القمّي قال : قال الأكابر : لن نؤمن حتى نؤتي مثل ما أوتي الرسل من الوحي والتنزيل ، فقال الله تبارك وتعالى : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) (٢).
قوله سبحانه : (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ)
وهذا تفريع لقوله تعالى : (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ) (٣) ، فإنّ الهداية إذا كانت بإعطاء روح نوريّة ، والنور يفسح في المكان ويوجب اتّساع الإدراك ويشرحه ، فيعامل الإنسان حينئذ مع كلّ شيء ما يجب معاملته ، وبالمقابلة ، الظلمة كلما زادت إحاطتها أوجبت ضيقا لا يسع للإنسان أن يحفظ مع كل شيء ما يجب ، أو ينبغي حفظه معه ، فلا يؤمن أن يترك ما يجب أخذه ، أو يأخذ ما يجب تركه ، كالمحبوس في مكان ضيّق لا يسعه أن يتحرك فيه أدنى حركة ، سوى أن يبقى على حال من غير مجال.
فالهداية نور في القلب ينشرح معه الصدر ، ولازمه عدم التحرّج من المعارف
__________________
(١). الكشاف ٢ : ٦٣ ؛ تفسير الرازي ٣ : ١٧٣ ؛ معاني القرآن ٢ : ٢٨٨.
(٢). تفسير القمي ١ : ٢١٥.
(٣). الأنعام (٦) : ١٢٢.