كيفية الإستنتاج منه وتشخيص نتيجته ، بل أخذ سبحانه باعترافهم للحق في ضمنه ، فإنّ لازم قولهم أنّ حملهم على التوحيد والهداية منوط بمشيئة الله فهم مشركون لم يهدهم الله إلى توحيده وتركهم في ضلالهم ، ولهذا الذي ذكرنا جييء بفاء التفريع في قوله : (فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ) ، وقوله : (الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ) ، تكون الحجة بالغة ببلوغها لما يحتجّ له ووصولها إليه ، أى تماميتها في إثبات المطلوب ، أيضا تكون بالغة ببلوغها كلّ من أريد بها من قريب أو بعيد أو عام أو جاهل ، وقد فسرت الكلمة من طرق أهل البيت بكلا المعنيين.
ففي الأمالي : عن الصادق ـ عليهالسلام ـ أنّه سئل عن قوله تعالى : (فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ) فقال : «إنّ الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة : عبدي أكنت عالما؟ فان قال : نعم ، قال له : أفلا عملت بما علمت!؟ وإن قال : كنت جاهلا ، قال له : أفلا تعلّمت حتى تعمل؟ فيخصمه ، فتلك الحجّة البالغة (١).
وفي بعض الروايات عنه عليهالسلام : «الحجة البالغة التي تبلغ الجاهل من أهل الكتاب فيعلمها بجهله كما يعلمها العالم بعلمه» (٢).
*
__________________
(١). الأمالي للطوسي : ٩ ـ ١٠ ، المجلس الأول : الحديث : ١٠ ؛ الأمالي للمفيد : ٢٢٧ ـ ٢٢٨ ، المجلس السادس والعشرون ، الحديث : ٦.
(٢). تفسير الصافي ٢ : ١٦٩.