سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ) (١).
فقد تبين من جميع ما تقدم إن إبليس ـ لعنه الله ـ موجود مخلوق يدعو إلى الشر كان في مرتبة مشتركة مع الملائكة لم يتميز منهم إلا بعد خلق الإنسان وحيئذ وقع في جانب الشر والشقاء وإليه يستند انحراف الإنسان عن الصراط المستقيم وانسياقه إلى جانب الشقاء والضلال وجهة المعصية والباطل ، كما أن الملك إليه يستند هداية الانسان إلى غاية السعادة ، ومنزل الكمال والقرب ، وله لعنه الله ذرية وأعوان مختلفوا الأنواع لهم أن يتصرفوا في جميع ما يمكن أن يرتبط به الإنسان من الدنيا وما فيها باظهار الباطل في صورة الحق ، وتزيين القبيح في صورة الجميل فأفعالهم غير متميزة من أفعال الإنسان ولا مزاحمة ، كما أن ذواتهم ووجوداتهم في غير عرض وجود الإنسان وسنخ ذاته ، وهم يتصرفون في قلوب الناس وفي أبدنهم وفي سائر شؤون الدنيا وحياتها ؛ بتصرفات مختلفة اجتماعا وانفرادا وبلا واسطة ومع الواسطة ، وربما فارقوا الإنسان ن وربما صاحبوه مدة حياته وفي قبره ويوم حشره هذا ، وعلى هذا وردت الروايات.
ففي الكافي : عن الصادق ـ عليه السلام ـ : «إن الملائكة كانوا يحسبون أن إبليس منهم ، وكان في علم الله أنه ليس منهم ، فاستخرج ما في نفسه من الحمية (٢) فقال : (خَلَقْتَنى مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ)» (٣) (٤).
__________________
(١). عبس (٨٠) : ١٥ ـ ١٦.
(٢). في المصدر : " بالحمية والغضب ".
(٣). ص (٣٨) : ٧٦.
(٤). الكافي ٢ : ٣٠٨ ، باب العصبية ، الحديث : ٦.