فقد تحقّقت الغفلة عنه تعالى ، وكلّ معصية ومخالفة بأيّ وجه اتّفقت وفي أيّ مرتبة تحقّقت ؛ لم تتحقّق إلّا بالذهول عنه تعالى والإقبال إلى غيره ، وإعطاء الإستقلال لنفس العاصي وللغير فلا تخلو معصية عن دعوى الأنانية وإثبات الشريك في الملك والربوبية له سبحانه ؛ ولذلك كانت الأنانية أوّل معصية عصي بها الله سبحانه ، وإليها ترجع جميع المعاصي والرذائل ، ويلازمها الغفلة كما سيأتي في قوله تعالى : (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) (١) ، فالأنانية أوّل المعاصي من حيث رجوع الجميع بالتحليل إليها ، وهي أوّل من حيث صدورها من إبليس ـ لعنه الله ـ
وفي تفسير القمي : عن الصادق ـ عليهالسلام ـ : «الإستكبار هو أوّل معصية عصي الله بها» (٢).
وفي المعاني : عن الرضا ـ عليهالسلام ـ «إنّه سمي إبليس ، لأنه أبليس من رحمة الله (٣).
وفي تفسير القمي : عن الصادق ـ عليهالسلام ـ في حديث فقال إبليس : «يا رب ، فكيف وأنت العدل الذي لا يجور (٤) فثواب عملي بطل ، قال : لا ، ولكن سلني (٥) من أمر الدنيا ما شئت ثوابا لعملك أعطك (٦) ، فأوّل ما سأل البقاء إلى يوم الدين ، فقال الله : قد أعطيتك ، قال : سلّطني على ولد آدم ، قال : قد سلطتك ،
__________________
(١). الأعراف (٧) : ١٧٩.
(٢). تفسير القمي ١ : ٤٢.
(٣). معاني الأخبار : ١٣٨ ، «باب معنى إبليس» ، الحديث : ١.
(٤). في المصدر : «لا تجور»
(٥). في المصدر : «إسأل»
(٦). في المصدر : «فاعطيتك»