اليهود الذين أسلموا وحسن إسلامهم فكانوا مهتدين وهادين بالحق ، وإما جميع أهل الإسلام لكون موسى من أولي العزم عامّا نبوته لجميع الناس غير منسوخ الأصل ، وإن كان بعض أحكام شريعته منسوخا بعد بعثة النبيّ.
فإن قلت : قد ذكرت في ذيل قوله : (قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) (١) ، من سورة البقرة ، إنّ حقيقة الهداية شأن الإمام لا غير ، وهذا ينافي ما هاهنا من جعل الهداية وصفا عامّا لغير الإمام.
قلت : الذي ذكرناه هناك إنّما هو الهداية إلى الحق بأمر الله تعالى لا الهداية بالحقّ مطلقا ، ولا ضير في كون تابع الحق هاديا بالحق الذي تبعه من حيث إنه تبع ، وأما الهداية بالأمر ، فأمر مختص بالإمام على التفصيل السابق.
قوله : (فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ)
فضرب فانبجست ، وحذفه للإشارة إلى المطاوعة وعدم التوقف في الحصول والإمتثال نظير قوله تعالى : (قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ) (٢) ، ونظائره كثيرة في القرآن ، وقد مرّ الكلام في هذه القصة في سورة البقرة.
*
__________________
(١). البقرة (٢) : ١٢٤.
(٢). النمل (٢٧) : ٤٠.