الشيئية منتزعة عن الوجود ومساوقة له ، فنفيها يساوق نفيه ، والطريقة الثالثة التي عبّر عليهالسلام عنها بقوله : إثبات بغير تشبيه ، يشير إلى ما ذكره الراوي بقوله : أقول : إنّه شيء لا كالأشياء ، وحقيقته إثبات المفاهيم مع نفي خصوصيات المصاديق الممكنة ، فله علم لا كالعلوم ، وبصر لا كالأبصار ، وهكذا.
قوله : (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) في المعاني : روى الصدوق عن الحلبي عن أبي عبد الله ـ عليهالسلام ـ قال : سئل عن قول الله عزوجل : (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) قال : بكل لسان (١).
أقول : مرجعه إلى عطف قوله : (وَمَنْ بَلَغَ) على محل المفعول ويؤيده قوله : (أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً) (٢).
وفي الكافي : عن مالك ، قال : قلت لأبي عبد الله ـ عليهالسلام ـ قول الله عزوجل : (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) ، قال : من بلغ أن يكون إماما من آل محمد ، فهو ينذر بالقرآن كما أنذر به رسول الله (٣).
أقول : وهذا المعنى روي بطرق أخرى (٤) ، ومرجعه إلى عطف قوله : (وَمَنْ بَلَغَ) على محلّ الفاعل ، وقد مرّ ما يؤيده في آية المباهلة في سورة آل عمران.
__________________
(١). لم نعثر عليه في المصدر ، ولكنّه موجود في علل الشرائع ١ : ١٢٥ ، الحديث : ٣ ؛ بصائر الدرجات : ٢٢٦ ، الحديث : ٢ ؛ البرهان في تفسير القرآن ٣ : ٥٣٧ ، الحديث : ٦.
(٢). الكهف (١٤) : ١.
(٣). الكافي ١ : ٤١٦ ، الحديث : ٢١.
(٤). الكافي ١ : ٤٢٤ ، الحديث : ٦١ ؛ بصائر الدرجات : ٥١١ ، الحديث : ١٨ ؛ تفسير العياشي ١ : ٣٥٦ ، الحديث : ١٣.