في أنّ كونه مؤلفا من الحروف أو مفرقا إلى ثلاث وسبعين حرفا لا يوجب كونه من حروف الهجاء ، إذ من الواضح أنّ هذه الحروف التي هي انحاء من الصوت لا يمكن تصرّفها في شيء من الأمور الخارجية ، فضلا عن نحو إحياء الموتى وإحضار سرير بلقيس والأمور العظام وأقسام التصرف في نظام الوجود ، بل المراد بالإسم حقيقة هذه الأسماء ، وبالإسم الأعظم الحقيقة المنتهية إليها جميع هذه الحقائق ، والمراد بإعطائه لأحد ، جعله متّصلا بذلك الوجه من وجوه الأسماء كما أنّ المضطرّ المنقطع في الدعاء يستجاب له باتّصاله بما دعاه من أسماء الله تعالى.
وفي التوحيد : عن أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ في خطبة له ـ عليهالسلام ـ : «إنّ ربّي لطيف اللطافة ، فلا يوصف باللطف ، عظيم العظمة لا يوصف بالعظم ، كبير الكبرياء لا يوصف بالكبر ، جليل الجلالة لا يوصف بالغلظ ، قبل كلّ شيء لا يقال شيء قبله ، وبعد كل شيء لا يقال له بعد ، شاء الأشياء لا بهمّة ، درّاك لا بخديعة ، هو في الأشياء كلّها غير متمازج بها ولا بائن عنها ، ظاهر لا بتأويل المباشرة ، متجدّ لا باستهلال روية ، بائن لا بمسافة ، قريب لا بمداناة ، لطيف لا بتجسم ، موجود لا بعد عدم ، فاعل لا باضطرار ، مقدّر لا بحركة ، مريد لا بهمامة ، سميع لا بآلة ، بصير لا بأداة» (١).
أقول : هو ـ عليهالسلام ـ كما ترى يثبت أصل المعنى وينفي خصوصيات المصداق ونواقص المادّة ، وهو الذي قدّمنا بيانه سابقا.
وهذه المعاني واردة في أحاديث كثيرة جدّا مرويّة عن علي والحسن
__________________
(١). التوحيد : ٣٠٨ ، الحديث : ٢.