الولاية بمعنى النصرة ، وإنّما هي ولاية الأمر.
قوله : (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ)
في تفسير القمي : إنّه كان سبب نزولها أنه كان بالمدينة قوم فقراء مؤمنون يسمّون أصحاب الصفّة ، وكان رسول الله أمرهم أن يكونوا في صفّة يأوون إليها ، وكان رسول الله يتعاهدهم بنفسه ، وربّما حمل إليهم ما يأكلون ، وكانوا يختلفون إلى رسول الله فيقربهم ويقعد معهم ويؤنسهم ، وكان إذا جاء الأغنياء والمترفون من أصحابه أنكروا عليه ويقولون له : أطردهم عنك ، فجاء يوما رجل من الأنصار إلى رسول الله وعنده رجل من أصحاب الصفّة ، وقد لصق برسول الله ورسول الله يحدّثه ، فقعد الأنصاري بالبعد منهما ، فقال له رسول الله : تقدّم ، فلم يفعل ، فقال له رسول الله : «لعلك خفت أن يلزق فقره بك ، فقال : أطرد هؤلاء عنك ، فأنزل الله : (وَلا تَطْرُدِ) (١).
ومن طريق العامة : إنّ رؤوسا من المشركين قالوا لرسول الله : لو طردت عنّا هؤلاء الأعبد ـ يعنون فقراء المسلمين وهم : عمّار وصهيب وخبّاب وسلمان وأضرابهم وأرواح جبابهم ، وكانت عليهم جباب من صوف ـ جلسنا إليك وحادثناك ، فقال صلىاللهعليهوآله : ما أنا بطارد المؤمنين ، فقالوا : فأقمهم عنّا إذا جئنا فإذا قمنا فأقعدهم معك إن شئت ، فقال : نعم طمعا في إيمانهم (٢) ، الحديث.
وهو أقرب اعتبارا نظرا إلى أنّ السورة مكيّة ، وقوله : (يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) ،
__________________
(١). تفسير القمي ١ : ٢٠٢ ؛ البرهان في تفسير القرآن ٣ : ٥٥٩ ؛ تفسير الصافي ٣ : ٣٩.
(٢). تفسير الطبري ٧ : ١٢٨ ؛ الكشّاف ٢ : ٢٧ ؛ تفسير الثعلبي ٤ : ١٥٠ ؛ تفسير ابن كثير ٢ : ١٢٥ ؛ تفسير القرطبي ٦ : ٤٣١. السمرقندي في تفسيره ١ : ٤٨٧ ؛ الرازي في تفسيره ١٢ : ٢٣٤ ؛ أسباب النزول للواحدي : ١٧٨ ـ ١٧٩ ؛ ومن الخاصة : جوامع الجامع ١ : ٣٨٠.