كفرا وإنّه من فكّر من الناس في مثل ذلك فإنّه بمنزلته» (١).
أقول : ولا منافاة بين الأخبار ، فإنّه كان بالنسبة إلى قومه إنكارا وإنّ ـ عليهالسلام ـ كان في نفسه طلبا وبحثا كالواحد منّا إذا أردنا تعليل شيء وضعنا ما وجدناه علة ، ثم طلبنا تقاديره ، فإن وافقها فهو وإلّا طرحناه وأخذنا نبحث عن غيره ، وقد مرّ أنه ـ عليهالسلام ـ في هذه الخطابات في مقام اهتداء نفسه ، وسيأتي تمام الكلام في ذلك إن شاء الله.
قوله سبحانه : (فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ)
لما في الأفول وهو الغروب من وسمة التغير والحدوث ، فلا يلائم الربوبيّة وملك التدبير ، وجمعه جمع أولى العقل تنزيها لمقام الربوبيّة عن عدم الشعور.
وفي الآية دلالة على أنّ الحبّ إمّا عين العبادة أو مقوّم لها لا تنفكّ ، حيث لم يقل لا أعبد الآفلين أو ما يؤدي معناه ، وقد مرّت الأخبار في ذلك وبيانها في ذيل قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ) (٢) من سورة المائدة ، فارجع.
قوله : (فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً)
البزوغ : الطلوع.
قوله تعالى : (قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي)
كان عليهالسلام ما يرى إلى ربّه طالبا له كما في الرواية ، ثم شاهد خطأ قياسه
__________________
(١). تفسير العياشي ١ : ٣٦٤ ، الحديث : ٣٨ ؛ البرهان في تفسير القرآن ٣ : ٥٨٢.
(٢). سورة المائدة (٥) : ١٠٥.