هذا إلّا لأنّه ابنه ، فقال ـ صلىاللهعليهوآله ـ : كيف صار عزيز ابن الله دون موسى وهو الذي جاءهم بالتوراة ورأوا منه من المعجزات ما قد علمتم ، فإن كان عزيز ابن الله ، لما ظهر من إكرامه من إحياء التوراة فلقد كان موسى بالنبوّة أحقّ وأولى ، (١) الحديث.
أقول : وظاهره أنّ مرادهم بالبنوّة بنوّة التشريف دون التوليد.
قوله : (وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ)
وهو قول بعضهم أيضا أرادوا به التشريف.
وفي الإحتجاج أيضا عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ : إنّه طالبهم بالحجّة ، فقالوا : إنّ الله لمّا أظهر على يد عيسى من الأشياء العجيبة ، ما ظهر ، فقد اتّخذه ولدا على جهة الكرامة فقد سمعتم ما قلته لليهود في هذا المعنى الذي ذكرتموه ، ثمّ أعاد ذلك كلّه فسكتوا ، الحديث. (٢)
قوله سبحانه : (ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ)
إن كانت الباء للظرفيّة كان المعنى أنّ القول تعلّق بأفواههم ، فلم ينزل قلوبهم ، وإن كانت للسببيّة فالمعنى أنّ قلوبهم غير شاعرة لمعناه ولا قاصدة ، وعلى كلا الوجهين هو كناية عن عدم إذعانهم أنفسهم بما يدّعونه ، فإنّهم إن أرادوا بنوّة الولادة فقد جعلوا لله سبحانه جسما محكوما بنظام المادّة ، وهم يعلمون أنّه منزّه
__________________
(١). الإحتجاج للطبرسي ١ : ٢٣ ؛ تهذيب الاحكام ٤ : ١١٤ ، الحديث : ١ ؛ البرهان في تفسير القرآن ٤ : ٤٢٩ ، الحديث : ١.
(٢). الاحتجاج ١ : ٢٤.