وفي تفسير العيّاشي عن الباقر ـ عليهالسلام ـ : إنّ النبيّ قال لابن عبد الله بن ابيّ : إذا فرغت من أبيك فأعلمني ، وكان قد توفّي فأعلمه ، فأخذ رسول الله نعليه للقيام ، فقال عمر : أليس قد قال الله : (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ).
فقال له : ويحك أو ويلك ، إنّما أقول : اللهمّ املأ قبره نارا واملأ جوفه نارا وأصله يوم القيامة نارا. (١)
أقول : حقّ الكلام أن يقال : إنّ المستفاد من سياق الآيتين أعني قوله : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) وقوله سبحانه : (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ). (٢)
أنّ الآيتين لم تنزلا معا لشهادة وحدة الذيل فيهما معا بذلك ، فكانت الآية الاولى نزلت في الاستغفار للمنافقين ، وليس فيه نهي ، وإنّما الدلالة على أنّها غير نافعة بحالهم ، وإنّما اشتبه الأمر على عمر فعدّ ذلك نهيا.
ففرق واضح بين قوله : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ) وبين قولنا : لا تستغفر لهم ، أو ليس لك أن تستغفر لهم ، وأمّا قوله : (إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً)، فهو وإن كان للتكثير ، فلا ينفع لا سبعون ولا سبعون ألفا.
غير أنّ الأخذ بذيل الرحمة والعناية الإلهيّة ممكن ، فقوله ـ صلىاللهعليهوآله ـ : إنّي خيّرت فاخترت ، وقوله : قد رخّص لي ربّي فسأزيد على
__________________
(١). تفسير العيّاشي ٢ : ١٠١ ، الحديث : ٩٤.
(٢). التوبه (٩) : ٨٤.