فإن قلت : قوله سبحانه في سورة الحشر (لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) ، (١) يعرّف الصادقين ويعيّن أنّهم المهاجرون ، على أنّ الجملة مشتملة على الحصر.
قلت : المهاجرون أنفسهم ظهر منهم امور لا يساعد على كونهم الصادقين بنحو الاتّصاف مطلقا ، فقوله سبحانه : (هُمُ الصَّادِقُونَ)، أي الصادقين في هجرتهم ونصرتهم لا مطلقا ، ومنه يظهر أنّ قوله : (أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) للتأكيد لا للحصر.
وبالجملة : إطلاق الصادقين يوجب أن يكون هؤلاء رجالا ليس معهم إلّا الصدق ، مع أنّ قوله : (وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) ، (٢) حيث لم يقل وأصدقوا مع الصادقين ، وما يشبه ذلك يدلّ على وجوب تبعيّة الصادقين ومصاحبتهم في جميع ما عندهم من القول والفعل ، كما يشهد به قوله تعالى : (رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ) ، (٣) وليس هذا شأن غير أهل البيت الذين شهد عليهم الكتاب والسنّة بالعصمة والطهارة والله الهادي. (٤)
وفي المجمع عن الصادق ـ عليهالسلام ـ : أنّه قرأ من الصادقين. (٥)
__________________
(١). الحشر (٥٩) : ٨.
(٢). التوبة (٩) : ١١٩.
(٣). الأحزاب (٣٣) : ٢٣.
(٤). روي الثعلبي في تفسير الآية عن أبي جعفر ـ عليهالسلام ـ أنّه قال : «مع آل محمد» ـ عليهمالسلام ـ [الكشف والبيان ٥ : ١٠٩].
(٥). مجمع البيان ٥ : ١٢٢.