بالوصفين المتقابلين ، بمعنى أنّ بعض أفراده يتّصفون بالسعادة وبعضهم بالشقاء.
فإن قلت : هل هذا إلّا تحميلا لما لا يستحقّه؟ فإنّ أبناء أمّة إذا أخذوا بفعال آبائهم كان ذلك تحميل وازرة وزر أخرى ، وهو منفيّ بالعقل وصريح كلامه تعالى.
قلت : هذا خلط بين الأحكام الفرديّة والأحكام النوعيّة ، فالأحكام النوعيّة ما كان موضوعها الجهة السارية في طبيعة الأفراد ، وهي التي يترتّب عليها إتّحاد الآثار التكوينيّة من شكل ولون وسائر خصوصيّات الأمزجة ، ويتفرّع عليها في المرتبة الأخلاق النوعيّة والغرائز الموروثة ، لتمايل الأبناء إلى ما كان عليه آبائهم من الغرائز والأخلاق والشيم والأحكام الفرديّة ما كان موضوعها الجهة المختصّة بالفرد ، لا تتعدّاه إلى غيره فلا يتعدّى حكمه إلى غيره ، بخلاف الجهة العامّة السارية في الأفراد على تعاقبها ، فما كان منها في السابقين فهو بشخصه وعينه في اللاحقين.
فالوراثة التكوينيّة في الجهات الجسمانيّة ؛ كصحة الأبدان وعلّتها ، والسمن والهزال ، والطول والقصر ، والأشكال والألوان وأضرابها لا بحث فيها ، والوراثة التي في باب السعادة والشقاوة من ظلم وجور ، أو ابتلاء أو هلاك ، أو عذاب أو غضب ، أو رحمة أو هداية أو ضلال فإنّها ربّما تتحقّق في اللاحق بدل السابق ؛ إذا اشتركا في منشئها كالتفريط في جنب الله أو الطغيان.
وبالجملة في المنشأ الذي كان منشأ في الأولين إذا كان موجودا في الآخرين ، وإلى هذا يرجع ما أجاب به بعض الأئمّة ـ عليهمالسلام ـ حيث سئل كيف يؤاخذ الله تعالى ذريّة قوم بفعال آبائهم فأجاب ـ عليهالسلام ـ بأنّهم رضوا