الموجب للقضاء بينهم ، وأمّا أنّ هذا المسمّى هل هو واحد أو كثير ، فالكلام غير متعرّض به ، بل ربّما يظهر من كلامه تعالى أنّه في بعض الأمم رسول واحد كمحمّد ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ. قال تعالى : (وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) (١) ، حيث تدلّ على ختم باب الرسالة بعد النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ثمّ قال : (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ) (٢) ، فأوعد بالعذاب ، وفي بعضها رسل كثيرون ينزل العذاب ويتم القضاء بالأخير من الرسل ، كعاد وثمود ، قال تعالى : (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ* إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ) (٣) ، وقال تعالى : (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ* إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ) ـ إلى أن قال تعالى ـ : (إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ خامِدُونَ) (٤).
فتبيّن من جميع ما مرّ أنّ لكلّ أمّة أجلا ورسولا ومجيء الرسول يوجب تميّز الفاسد من أجزائها ، وهم الذين حقّ عليهم القول أنّهم لا يؤمنون ، ويؤدّي ذلك إلى إفناء الله إيّاهم واستخلاف المؤمنين مكانهم.
*
__________________
(١). الأحزاب (٣٣) : ٤٠.
(٢). يونس (١٠) : ٤٧.
(٣). فصّلت (٤١) : ١٣ ـ ١٤.
(٤). يس (٣٦) : ١٣ ـ ٢٩.