المسجد وقال : والله لا أذوق طعاما ولا شرابا حتّى أموت أو يتوب الله عليّ ، فمكث سبعة أيّام لا يذوق فيها طعاما ولا شرابا حتّى خرّ مغشيّا عليه ، ثمّ تاب الله عليه.
فقيل له : يا أبا لبابة! قد تيب عليك ، فقال : لا والله لا أحلّ نفسي حتّى يكون رسول الله هو الذي يحلّني ، فجاءه ـ صلىاللهعليهوآله ـ فحلّه بيده ، ثمّ قال أبو لبابة : إنّ من تمام توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب ، وأن انخلع من مالي ، فقال النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ : يجزيك الثلث أن تصدّق به. (١)
وفي تفسير القمّي عن الباقر ـ عليهالسلام ـ : فخيانة الله والرسول معصيتهما ، وأمّا خيانة الأمانة فكلّ إنسان مأمون على ما افترض الله عزوجل عليه. (٢)
قال : نزل في أبي لبابة بن عبد المنذر ، فلفظ الآية عامّ ومعناها خاصّ ، قال : ونزلت في غزوة بني قريظة في سنة خمس من الهجرة ، وقد كتبت في هذه السورة مع أخبار بدر ، وكانت على رأس ستّة عشر شهرا من مقدم رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ المدينة ، ونزلت مع الآية التي في سورة التوبة قوله : (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ) (٣) التي نزلت في أبي لبابة ، قال : (٤) فهذا دليل على أنّ التأليف على خلاف ما أنزل الله على نبيّه ـ صلىاللهعليهوآله ـ ، (٥) الحديث.
أقول : قوله : وأمّا خيانة الأمانة ـ الى آخره ـ ، معناه أنّ وقوع قوله تعالى : (وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ)، بعد قوله : (لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ)، للإشارة إلى أنّ
__________________
(١). مجمع البيان ٤ : ٨٢٣ ؛ تفسير الصافى ٣ : ٣٢٤ ؛ البرهان في تفسير القرآن ٤ : ٣٠٠.
(٢). تفسير القمّي ١ : ٢٧١ ـ ٢٧٢.
(٣). التوبة (٩) : ١٠٢.
(٤). في المصدر : ـ «قال»
(٥). تفسير القمّي ١ : ٢٧٢ ؛ تفسير الصافي ٣ : ٣٢٥.