الْيَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ). (١)
ثمّ قال : أزيدك في هذا المعنى من القرآن ، أليس الله عزوجل يقول : (الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) ، (٢) وقال عزوجل : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ* لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ). (٣) (٤)
أقول : وقد اتّضح معنى الحديث فيما تقدّم ، وأمّا قوله تعالى : (لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) ، (٥) فتعليل ارتفاع الظلم بسرعة محاسبته سبحانه ، إنّما هو لأنّ التأخير في الجزاء لتأخير الحساب بالمسامحة والتعويق ظلم ، فإذا وقعت السرعة في الحساب من غير بطء لم يقع ظلم.
فإن قلت : فتأخير حساب الأعمال الدنيويّة إلى يوم القيامة ظلم.
قلت : المجازاة الدنيويّة واقعة في الدنيا بأقرب وقت ، والمجازاة البرزخيّة كذلك ، وأمّا فصل القضاء والمجازاة التامّة الحقيقيّة فموطنه يوم القيامة ، وما في يوم القيامة لا يمكن ظهوره في غيره وإن تحقّق أصله ، ويدلّ على هذا الذي ذكرنا آيات كثيرة جدّا سنتعرّض لبيان كلّ منها فيما يختصّ به من الموارد ، وقد مرّ في أوائل سورة البقرة ما ينفع في هذا المقام فارجع إليه والله الهادي.
__________________
(١). غافر (٤٠) : ١٧.
(٢). النور (٢٤) : ٢٦.
(٣). الأنفال (٨) : ٣٦ ـ ٣٧.
(٤). لم نجده في علل الشرائع ولكن رواه المجلسي ـ رحمهالله ـ في بحار الأنوار ٦٧ : ١٠٥ ـ ١٠٧ الحديث : ٢١.
(٥). غافر (٤٠) : ١٧.