قبل النزال ، كلّ ذلك ليوقع الله بينهم القتال فينصر المؤمنين ويظهرهم على المشركين ويعلي كلمة الحقّ.
قوله : (وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ)
ذهاب الريح كناية عن زوال النفوذ وبطلان الأثر ، يقال : هبّت ريح فلان إذا نفذ أمره.
قوله سبحانه : (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ)
في المجمع عن الباقر والصادق ـ عليهماالسلام ـ : إنّهم لمّا التقوا كان إبليس في صفّ المشركين ، آخذا بيد الحارث بن هشام فنكص على عقبيه ، فقال له الحارث : يا سراقة! أتخذلنا على هذه الحال؟ فقال : إنّي أرى ما لا ترون ، فقال : والله ما نرى إلّا جعاسيس (١) يثرب فدفع في صدر الحارث وانطلق وانهزم الناس ، فلمّا قدموا مكّة قال الناس : هزم [الناس] سراقة ، فبلغ سراقة فقال : والله ما شعرت بمصيركم حتّى بلغني هزيمتكم فقالوا : إنّك أتيتنا يوم كذا فحلف لهم ، فلمّا أسلموا علموا أنّ ذلك كان الشيطان. (٢)
وفي تفسير العيّاشي عن السجّاد ـ عليهالسلام ـ قال : لمّا عطش القوم يوم بدر انطلق عليّ بالقربة يستقي ـ وهو على القليب ـ إذ جاءت ريح شديدة ثمّ مضت ، فلبث ما بدا له ، ثمّ جاءت ريح اخرى ثمّ مضت ، ثمّ جاءت اخرى كاد أن تشغله ـ وهو على القليب ـ ، ثمّ جلس حتّى مضت ، فلمّا رجع إلى رسول الله أخبره بذلك فقال رسول الله : أمّا الريح الاولى : ففيها جبرئيل مع ألف من الملائكة ،
__________________
(١). رجل جعسوس ، اي : قصير دميم. [منه ـ رحمهالله ـ].
(٢). مجمع البيان ٤ : ٨٤٤ ؛ تفسير الصافي ٣ : ٣٤٩ ؛ البرهان في تفسير القرآن ٤ : ٣٤٩.